حجارة حية في رومانيا .. تخيل أنك ترى موضوعاً بهذا العنوان، فتعتبر إما إنها خدعة من أجل الاستمرار فى القراءة، أو مجرد مزحة أو نكتة يطلقها أحد لكنها في الحقيقة واقع وهناك حجارة حية في رومانيا بالفعل .
حكاية الحجارة الحية في رومانيا بالتحديد بدأت من بلدة تدعى “كوستستي” وهى موطناً لظاهرة جيولوجية غير عادية تعرف بـ”تروفانتس”.
الـ”تروفانتس” تنمو بحجم يصل لـ 5 سم كل ألف عام، وهو وقت طويل للغاية، وتعد الأحجار الطافية عبارة عن هياكل معدنية فريدة تحاكي الحياة النباتية والثدييات.
هذه الاحجار تختلف في الحجم والشكل، بعضها يمكن أن يتناسب بشكل مريح مع راحة اليد، بينما قد يصل ارتفاع البعض الآخر إلى 4.5 متر.
حجارة حية في رومانيا
هذه الأحجار “الحية” الغريبة تنمو بنفس طريقة نمو الأنسجة النباتية وتولد أحجارا جديدة تماما مثل الحيوان.
كيف تظهر أحجار التروفانتس
أحجار الـ “تروفانتس” تظهر ببساطة من الأرض، بل إنها موجودة في كتلة رمال من مختلف العصور الجيولوجية التي تصل إلى نتوءات طبيعية أو في مقالع الرمال.
مصطلح “تروفانتس” (Trovants) يوازي للمصطلح الألماني “Sandsteinkonkretionen”، وهو فيما معناه “العقدة أو الدرنة الرملية”.
الدكتورة ميرسيا تيكليانو، من المعهد الجيولوجي في رومانيا ذكرت أن كلمة “trovant” استخدمت لأول مرة في الأدبيات الجيولوجية من رومانيا.
ويمكن لزوار موقع كوستستي المشي على مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأحجار الكروية، والتي تنمو ببطء مع مرور الوقت في وجود مياه الأمطار، وهي تتكون أساسا من قلب حجري صلب محاط بالرمال التي تشكل قشرته.
نمو أحجار التروفانتس
وتشكل المعادن الموجودة في مياه الأمطار تفاعلا داخليا يؤدي إلى زيادة الضغط في الداخل، ما يجعل الصخور تنمو وتتكاثر.
وبمعنى أوضح، فإن “تروفانتس” هي نوع من الخرسانة أو الحجر المتصلد، حبيبات أو صخور رملية رسوبية مرتبط بعضها ببعض بواسطة أسمنت من الحجر الجيري (كربونات الكالسيوم).
ولم يجد العلماء أي فرق بين “تروفانتس” والقاعدة الرملية المحيطة، لذلك يشتبهون في أن الأشكال الكروية تشكلت من خلال النشاط الزلزالي المكثف وطويل الأمد بشكل غير عادي في العصر الميوسيني الأوسط، قبل 6 ملايين عام. وأن موجات الصدمة المنبعثة من الأرض ضغطت الرواسب الرملية وركزت الأسمنت الجيري لتتشكل كتلها الكروية.
حجارة حية في رومانيا والتآكل الرملي
وبمرور الوقت، تسببت العناصر في تآكل الحجر الرملي من حولها، ما أدى إلى تعريض الصخور الأكثر كثافة.
وعندما تتعرض لأمطار غزيرة، يمكن أن يتسرب بعض الأسمنت إلى سطحها، ما يضاف تدريجيا إلى المحيط الخارجي للحجر بمرور الوقت.
ولم يُكتب الكثير عن هذه العملية، ولكن يُقال إنها تحدث فقط في نحو 4-5 سم على مدى 1200 عام.
وعند قطع الحجر، يمكن ملاحظة نتوءات وحلقات تشبه هذا إلى حد كبير الحلقات التي تشكل محيط الأشجار، والتي يمثل كل منها فترة نمو محددة.
وعلى الرغم من أنها ليست على قيد الحياة بالمعنى العلمي، فقد وصفها السكان المحليون والسياح على حد سواء بأنها حجارة “حية” بسبب الطريقة التي يبدو أنها تتغير فيها مع مرور الوقت، فضلا عن قدرتها على الانتقال من مكان إلى آخر، وهو ما يرجح أنه يحدث بسبب زيادة كتلة الحجر من جانب واحد، وهذا يؤدي إلى ميله إلى الأمام.
“كوستستي” ليست المكان الوحيد الذي توجد فيه حجارة “تروفانتس”، بل إنها في جميع أنحاء منطقة الكاربات في رومانيا .
ومع ذلك، فإن تلك الموجودة في كوستستي معروفة جيدا ولها أقطار كبيرة، حيث إنها كروية وبيضاوية الشكل، لكن العديد منها له أشكال مزدوجة ومعقدة.